خلال متابعتي لدهاليز ما بات يعرف بمشكلة الجنوبيين في الشمال و التي يقصد بها كيفية مشاركتهم في عملية الاستفتاء الي جانب الوضع القانوني لهم حال الإنفصال، تأكد لي تماماً إن طبخة المؤتمر الوطني لإستغلال هولاء الجنوبيين في تزوير نتيجة الإستفتاء أو قل بالأحري ترجيح خيار الوحدة تكاد أن تنضج ، فيما تغلي بقية محتوياتها الأخري علي نار هادئة في مختلف الصعد و المحاور !!
و تنهض الخطة الجنهمية للمؤتمر الوطني علي المادة الثانية في قانون الإستفتاء نفسه و التي تقرأ كالأتي :
يجوز للمفوضية إنشاء مراكز للاستفتاء في أي مواقع أخري على أن لا يقل عدد الناخبين المسجلين عن (20.000) عشرين ألف ناخب في كل مركز أما في حالة عدم توفر عدد الناخبين عن عشرين ألفا في أي موقع يتم فتح مركز الاقتراع لهم في عاصمة الولاية المعنية في شمال السودان أو في بلاد المهجر.
و كما نعلم جميعنا فقد جاهد حزب المؤتمر الوطني كثيراً إثناء مناقشات مشروع القانون من أجل تضمين هذه المادة بالذات، حتي يتمكن من إستغلاله فيما بعد في التزوير ، وهو أمر فطنت له الحركة الشعبية مبكراً عندما إستثني مشروع القانون الأول الذي أعده مولانا مايكل مكوي الجنوبيون في الشمال من التصويت و أجبر من يريد ذلك الذهاب الي الجنوب!
لكن الضجة التي أثارتها قادة هذا الحزب ، والتي أبدوا فيها حرص زائف وفجائي علي حقوق جنوبيو الشمال في التصويت قد إنطلت حتي علي بعض أبناء جلدتنا و بدأوا يضغون علي الحركة الشعبية التي فشلت هي الأخري في تنوير الجنوبيين في الشمال حول دوافع منعهم من التصويت لضعف معروف في جهازها الاعلامي !! و كانت النتيجة في النهاية تعديل القانون و حصول المؤتمر الوطني علي ما أراد !!
الفكرة بسيطة ، قانون الإستفتاء ينص علي ضرورة تصويت ستين بالمائة من الناخبين المسجلين في الكشوفات، ومن ثم من داخل هذه النسبة يتم بعد فرز الأصوات التالفة عد خمسين في المئة زايداً صوت واحد لترجيح الإنفصال.
عدم الحصول علي نسبة ستين بالمائة التي تعتبر النصاب القانوني يلغي العملية برمتها و يجبر المفوضية الي إعادة تنظيم الاستفتاء من جديد !!
لذلك سيعمل المؤتمر الوطني عند إنطلاقة التسجيل في أكتوبر القادم علي ضمان أكبر عدد من الناخبين الجنوبيين البالغيين في مدن الشمال في السجل !!
و سيسخر في سبيل ذلك الهدف كل إمكانياته كما سيستخدم كل الأساليب المعهودة عنه بالتجربة ، بدءاً من الرشوة مروراً بالإبتزاز و إنتهاءاً بالبلطجة و الفهلوة من أجل تسجيل أكبر قدر من الجنوبيين ، و في الأخر يمنعهم من التصويت حتي لا يتم النصاب القانوني !!
فإذا تأملت المادة جيداً و نظرت بعمق الي الرقم عشرين الف المشروط لإنشاء مركز الإقتراع في المدينة أو القرية المعنية ، و الإ فان علي الناخبين الذهاب للتصويت في عاصمة الولاية ، فانك ستجد إن هذه المادة بالتحديد ليست لصالح الجنوبيين و قضيتهم العادلة ابداً!!
و لإسقاطها رياضياً علي الارض، فلنتفرض إن عدد الجنوبيين البالغيين الذين يحق لهم التصويت في مدينة الدبة بالولاية الشمالية هو 19 الف ناخب فإنه لا يحق لهم التصويت في مدينتهم لأن القانون يحرمهم من مركز إقتراع ، وفي هذه الحالة يجب عليهم الذهاب الي دنقلا للتصويت او يبقوا في منازلهم !!
ويمكن أن تقيس الأمر علي مدن مثل بارا في شمال كردفان و الجبلين في النيل الأبيض ، و الأمر ينطبق كذلك علي الجنوبيين في دول المهجر ، فالمشكلة الحقيقية التي ستواجه هولاء ستكون في كيفية قطع تلك المسافات الطويلة التي تفصلهم عن عاصمة الولاية او البلد خاصة، لو وضعنا فى الإعتبار اوضاع الجنوبيين الصعبة ، سوءاً في الشمال او المهجر!!
وهنا مربط الفرس ، سياتي مقاول المؤتمر ساخراً كل الإمكانيات التي ذكرتها سالفاً ليس لكي يحل مشكلة المسافة ، ولكن لكي يعيق و يعقد الأمر أكثر علي أولئك الذين ستدفعهم مسئوليتهم الوطنية و يجازفوا بالسفر الي عاصمة الولاية للتصويت!!
يمكن لهذا المقاول بكل سهولة حجز كل مقاعد السفريات المتجهة الي دنقلا أو ربك مثلاً طوال مدة ايام الإقتراع ، أو فبركة أحداث أمنية تقود الي حظر التجوال أو إغلاق مراكز الإقتراع!!
فالمطلوب حسب الخطة في الوقت الراهن الي جانب أشياء أخري ، هو تسجيل الجنوبيين باكبر قدر في كشوفات الناخبين و في النهاية عدم تمكينهم من التصويت حتي ينهار النصاب القانوني و بعدها لكل مقام مقال!!
و لمواجهة هذه الخطة و قطع الطريق أمام دهاقنة المؤتمر الوطني ، فان علي الجنوبي الذكي اللماح المقيم في مدن شمال السودان الا يسجل إسمه أبداً في سجل الناخبين أذا لم يكن متأكداً من إنه سيتمكن من التصوت عندما حين وقت الاقتراع ، يجب عليه إن يتعامل مع هذا الأمر كواجب وطني نبيل مفروض عليه حتي لا يساهم في إفساد الإستفتاء!!
إن التسجيل للاستفتاء حق أساسي للجنوبي البالغ ، و لكنه أيضاً مسئولية فردية قبل كل شئ ، و إذا لم تكن واثقاً من قدرتك علي التصويت لسبب ما فمن الأحسن عدم التسجيل ، فعملية تقرير المصير في نهاية المطاف يمكن ان يحسم نتيجتها بصورة قاطعة اخواننا في مدن الجنوب و قراه بما سيعود علينا و علي أجيالنا القادمة بالفائدة.
كيمي جيمس أواي
الأحد 19\9\2010
Newer articles:
- القانون لا يشجع على الجبن ولا يشجع على الاعتداء - 25/09/2010 01:00
- رد على مقال سايمون قاج (جوب كنانة وقراءة في خارطة التغيير الديمقراطي)و - 22/09/2010 06:00
- جوبا كنانة قراء في خارطة التغير الديمقراطي - 21/09/2010 06:00
- اتفاقية فشودة بين روبت قوانق قائد مجموع المسلحة بأراضي شلو وعميد جون كوليكير قائد الجيش الشعبي - 21/09/2010 06:00
- القانون النظري والتطبيقي عند الدكتور فيتر أدوك نيابا - 21/09/2010 06:00
Older news items
Latest news items (all categories):
- South Sudan’s leaders engage in ‘systematic looting’ in poor nation: UN - 16/09/2025 18:42
- Salva Kiir Promotes Rumoured Successor Bol Mel to Full General - 16/09/2025 18:40
- SPLM-IO Declares South Sudan Government Collapsed, Illegitimate - 16/09/2025 18:36
- South Sudan is printing new bank notes to cushion rising inflation - 16/09/2025 18:29
- Five things to know about South Sudan’s fragile peace deal - 16/09/2025 18:23
Random articles (all categories):
- George Clooney and John Prendergast Call on U.S. to Freeze, Seize Assets of Sudanese Regime Responsible for Mass Killings of Peaceful Protesters - 11/06/2019 19:15
- Cecafa Under 20: South Sudan bring Kenya down to earth - 02/12/2020 04:07
- Khartoum launches diplomatic offensive against South's takeover of Heglig - Sudan Tribune - 12/04/2012 09:02
- South Sudan President Reaffirms Solidarity with Ethiopia - 18/12/2021 05:28
- South Sudan: UNHCR reaches 1,200 vulnerable IDPs in Western Bahr al Ghazal - 16/05/2016 14:03
Popular articles:
- مفهوم التنمية . - 12/04/2011 01:00 - Read 93970 times
- مفهوم النزاع - 06/04/2011 01:00 - Read 60862 times
- مفهوم التنمية الصحية - 31/01/2012 21:32 - Read 48664 times
- Jobs Analysis Concept مفهوم توصيف او تحليل الوظائف - 01/10/2011 01:00 - Read 46950 times
- مفهوم الحكم الراشد - 23/10/2010 03:30 - Read 43416 times